وَلِهَذَا «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] هِيَ بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ» ، وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ رَضِيَ بِدِينِ الْمُشْرِكِينَ وَلَا أَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا يَظُنُّهُ بَعْضُ الْمُلْحِدِينَ، وَلَا أَنَّهُ نَهَى عَنْ جِهَادِهِمْ كَمَا ظَنَّهُ بَعْضُ الْغَالِطِينَ، وَجَعَلُوهَا مَنْسُوخَةً، بَلْ فِيهَا بَرَاءَتُهُ مِنْ دِينِهِمْ وَبَرَاءَتُهُمْ مِنْ دِينِهِ، وَأَنَّهُ لَا تَضُرُّهُ أَعْمَالُهُمْ وَلَا يُجْزَوْنَ بِعَمَلِهِ وَلَا يَنْفَعُهُمْ.
وَهَذَا أَمْرٌ مُحْكَمٌ لَا يَقْبَلُ النَّسْخَ وَلَمْ يَرْضَ الرَّسُولُ بِدِينِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَا أَهْلِ الْكِتَابِ طَرْفَةَ عَيْنٍ قَطُّ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَضِيَ بِدِينِ الْكُفَّارِ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -:
{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] (1) {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} [الكافرون: 2] (2) {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} [الكافرون: 3] (3) {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ} [الكافرون: 4] (4) {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} [الكافرون: 5] (5) {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6] .
(فَظَنَّ هَذَا الْمُلْحِدُ أَنَّ قَوْلَهُ: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6] مَعْنَاهُ