وَالْمُسْلِمُونَ يَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّوَابَ فِي هَذَا مَعَ النَّصَارَى لَكِنْ لَا يُوَافِقُونَهُمْ عَلَى مَا أَحْدَثُوا فِيهِ مِنَ الْإِفْكِ وَالشِّرْكِ.

وَكَذَلِكَ يُقَالُ إِذَا بُدِّلَ قَلِيلٌ مِنْ أَلْفَاظِهَا الْخَبَرِيَّةِ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرُ أَلْفَاظِهَا لَمْ يُبَدَّلْ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ فِي نَفْسِ الْكِتَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُبَدَّلِ وَقَدْ يُقَالُ أَنَّ مَا بُدِّلَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَفِي نَفْسِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَبْدِيلِهِ فَبِهَذَا يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَنْ شُبْهَةِ مَنْ يَقُولُ أَنَّهُ لَمْ يُبَدَّلْ شَيْءٌ مِنْ أَلْفَاظِهَا، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِذَا كَانَ التَّبْدِيلُ قَدْ وَقَعَ فِي أَلْفَاظِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ قَبْلَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعْلَمِ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ، فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهِمَا وَوُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِمَا عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ فَلَا يُذَمُّونَ حِينَئِذٍ عَلَى تَرْكِ اتِّبَاعِهِمَا.

وَالْقُرْآنُ قَدْ ذَمَّهُمْ عَلَى تَرْكِ الْحُكْمِ بِمَا فِيهِمَا وَاسْتَشْهَدَ بِهِمَا فِي مَوَاضِعَ.

وَجَوَابُ ذَلِكَ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنَ التَّبْدِيلِ قَلِيلٌ وَالْأَكْثَرُ لَمْ يُبَدَّلْ وَالَّذِي لَمْ يُبَدَّلْ فِيهِ أَلْفَاظٌ صَرِيحَةٌ تَبَيَّنَ بِهَا الْمَقْصُودُ مِنْ غَلَطِ مَا خَالَفَهَا وَلَهَا شَوَاهِدُ وَنَظَائِرُ مُتَعَدِّدَةٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِخِلَافِ الْمُبَدَّلِ، فَإِنَّهُ أَلْفَاظٌ قَلِيلَةٌ، وَسَائِرُ نُصُوصِ الْكُتُبِ يُنَاقِضُهَا، وَصَارَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَنْقُولَةِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّهُ إِذَا وَقَعَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ أَوْ غَيْرِهِمَا أَحَادِيثُ قَلِيلَةٌ ضَعِيفَةٌ كَانَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يُبَيِّنُ ضَعْفَ تِلْكَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015