وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ أَرْسَلَهُمُ الْبَتَّةَ بَلْ ذَكَرَ أَنَّهُ أَلْهَمَهُمُ الْإِيمَانَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَنَّهُمْ أُمِرُوا بِاتِّبَاعِ رَسُولِهِ وَقَوْلِهِ: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} [المائدة: 111] لَا يَدُلُّ عَلَى النُّبُوَّةِ، فَإِنَّهُ قَالَ - تَعَالَى -: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} [القصص: 7]

وَأُمُّ مُوسَى لَمْ تَكُنْ نَبِيَّةً بَلْ لَيْسَ فِي النِّسَاءِ نَبِيَّةٌ ; كَمَا تَقُولُهُ: عَامَّةُ النَّصَارَى وَالْمُسْلِمِينَ.

وَقَدْ ذَكَرَ إِجْمَاعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِثْلُ الْقَاضِيَيْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الطَّيِّبِ وَأَبِي يَعْلَى بْنِ أَبِي الْفَرَّاءِ وَالْأُسْتَاذِ أَبِي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [يوسف: 109] وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} [المائدة: 75] فَجَعَلَ غَايَةَ مَرْيَمَ الصِّدِّيقِيَّةَ ; كَمَا جَعَلَ غَايَةَ الْمَسِيحِ الرِّسَالَةَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015