عَلَى اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ وَعَلَى رُكُوعٍ وَسَجْدَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَفْعَلُهُ النَّصَارَى فَكَيْفَ يَمْدَحُهُمْ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَهُمْ لَا يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ الَّتِي أَمَرَ بِإِقَامَتِهَا.
ثُمَّ لَوْ قَالَ الْيَهُودِيُّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2] التَّوْرَاةُ وَبِالْمُتَّقِينَ الْيَهُودُ لَكَانَ هَذَا مَعَ بُطْلَانِهِ أَقْرَبَ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِتَابِ الْإِنْجِيلُ ; لِأَنَّ التَّوْرَاةَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنَ الْإِنْجِيلِ، فَإِنَّهَا الْأَصْلُ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقْرِنُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَقَوْلِهِ: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً} [هود: 17] وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الأحقاف: 10] .
وَقَدْ قَالَتِ الْجِنُّ لَمَّا سَمِعَتِ الْقُرْآنَ {قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأحقاف: 30] وَقَالَ: النَّجَاشِيُّ لَمَّا سَمِعَ الْقُرْآنَ إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَلِكَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ قَالَ: هَذَا