وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّهُ مُرْسَلٌ إِلَيْهِمْ، وَإِلَى جَمِيعِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ قَطُّ أَنَّهُ لَمْ يُرْسَلْ إِلَيْهِمْ، وَلَا فِي كِتَابِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَنَّ مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي غَلِطُوا فِي مَعْرِفَةِ مَعْنَاهَا، فَتَرَكُوا النُّصُوصَ الْكَثِيرَةَ الصَّرِيحَةَ فِي كِتَابِهِ، الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ إِلَيْهِمْ، مِنْ جِنْسِ مَا فَعَلُوهُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَكَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ، حَيْثُ تَرَكُوا النُّصُوصَ الْكَثِيرَةَ الصَّرِيحَةَ، وَتَمَسَّكُوا بِقَلِيلٍ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَمْ يَفْهَمُوا مَعْنَاهُ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي صِدْقِ مُدَّعِي الرِّسَالَةِ وَكَذِبِهِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْكَلَامِ فِي عُمُومِ رِسَالَتِهِ وَخُصُوصِهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ يُعْلَمُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ لَكِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ ادَّعَوْا خُصُوصَ رِسَالَتِهِ، وَذَكَرُوا أَنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. فَنُجِيبُ عَمَّا ذَكَرُوهُ عَلَى حَسَبِ تَرْتِيبِهِمْ فَصْلًا فَصْلًا فَنَقُولُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ:
الْكَلَامُ فِيمَنْ خَاطَبَ الْخَلْقَ بِأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْهِمْ، كَمَا فَعَلَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ قَالَ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، كَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى، وَنَحْوِهِمَا مِنَ الرُّسُلِ الصَّادِقِينَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَآلِ كُلٍّ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَكَمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ