قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا أَخَذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقَ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ حَيٌّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرَنَّهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِيثَاقَ عَلَى أُمَّتِهِ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُمْ أَحْيَاءٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرُنَّهُ وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى مَا قَالُوا، فَإِنَّ قَوْلَهُ - تَعَالَى -: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} [آل عمران: 81] يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ النَّبِيِّينَ {لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [آل عمران: 81] وَهَذِهِ اللَّامُ الْأُولَى تُسَمَّى اللَّامَ الْمُوَطِّئَةَ لِلْقَسَمِ وَاللَّامُ الثَّانِيَةُ: تُسَمَّى لَامَ جَوَابِ الْقَسَمِ، وَالْكَلَامُ إِذَا اجْتَمَعَ فِيهِ شَرْطٌ وَقَسَمٌ وَقُدِّمَ الْقَسَمُ سَدَّ جَوَابُ الْقَسَمِ مَسَدَّ جَوَابِ الشَّرْطِ، وَالْقَسَمِ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} [الحشر: 12] وَمِنْهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} [التوبة: 75]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015