وَهَذِهِ حُجَّةٌ دَاحِضَةٌ سَوَاءً صَدَّقُوهُ أَوْ كَذَّبُوهُ، فَإِنْ صَدَّقُوهُ بَطَلَ دِينُهُمْ وَإِنْ كَذَّبُوهُ بَطَلَ دِينُهُمْ، فَإِنَّهُمْ إِنْ صَدَّقُوهُ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ دَعَاهُمْ وَجَمِيعَ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَطَاعَتِهِ كَمَا دَعَا الْمَسِيحُ وَمُوسَى وَغَيْرُهُمَا مِنَ الرُّسُلِ وَأَنَّهُ أَبْطَلَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الِاتِّحَادِ وَغَيْرِهِ وَكَفَّرَهُمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَلِهَذَا كَانَ مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَلَوْ إِلَى الْعَرَبِ يُوجِبُ بُطْلَانَ دِينِ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ وَكُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَهُ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ رَسُولًا لِلَّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ دَعَا النَّصَارَى وَالْيَهُودَ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَطَاعَتِهِ كَمَا دَعَا غَيْرَهُمْ وَأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ وَوَعَدَهُ النَّارَ وَهَذَا مُتَوَاتِرٌ عَنْهُ تَوَاتُرًا تَعْلَمُهُ الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ وَفِي الْقُرْآنِ مِنْ ذَلِكَ مَا يَكْثُرُ ذِكْرُهُ كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 1] (1) {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً} [البينة: 2] (2) {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} [البينة: 3] (3) {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 4] (4) {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] (5) {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 6] (6) {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 7] (7) {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: 8]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015