وَالنَّاسُ كُلُّهُمُ الْمُؤْمِنُ بِهِ وَالْمُنَافِقُ وَالْكَافِرُ يُقِرُّونَ عَلَى هَذَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّ الْقَمَرَ لَمْ يَنْشَقَّ وَلَا أَنْكَرَهُ أَحَدٌ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ مَا يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ، فَقَالَ: كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: 1] وَ {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1] .

وَمَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ فِي مُطَّرِدِ الْعَادَةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ انْشَقَّ لَأَسْرَعَ النَّاسُ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ إِلَى تَكْذِيبِ ذَلِكَ فَضْلًا عَنْ أَعْدَائِهِ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ، لَا سِيَّمَا وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فِي أَعْظَمِ مَجَامِعِهِمْ.

وَأَيْضًا فَمَعْلُومٌ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ أَحْرَصِ الْخَلْقِ عَلَى تَصْدِيقِ النَّاسِ لَهُ وَاتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ أَخْبَرَ النَّاسَ بِسِيَاسَةِ الْخَلْقِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْقَمَرُ انْشَقَّ لَمَا كَانَ يُخْبِرُ بِهَذَا، وَيَقْرَأُهُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ وَيَسْتَدِلُّ بِهِ، وَيَجْعَلُهُ آيَةً لَهُ، فَإِنَّ مَنْ يَكُونُ مِنْ أَقَلِّ النَّاسِ خِبْرَةً بِالسِّيَاسَةِ لَا يَتَعَمَّدُ إِلَى مَا يَعْلَمُ جَمِيعُ النَّاسِ أَنَّهُ كَاذِبٌ بِهِ فَيَجْعَلُهُ مِنْ أَعْظَمِ آيَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ، وَيَقْرَأُهُ عَلَى النَّاسِ فِي أَعْظَمِ الْمَجَامِيعِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015