وَسَنْحَارِيبَ وَجَنْكِسَانَ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْمُلُوكِ الْكَافِرِينَ جَوَابُهُ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَدَّعِ أَحَدٌ مِنْهُمُ النُّبُوَّةَ، وَأَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ، وَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَاهُ دَخَلَ النَّارَ، بِخِلَافِ مَنِ ادَّعَى أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ بِذَلِكَ ; فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا رَسُولًا صَادِقًا يَنْصُرُهُ اللَّهُ وَيُؤَيِّدُهُ وَيَنْصُرُ أَتْبَاعَهُ، وَيَجْعَلُ الْعَاقِبَةَ لَهُمْ، أَوْ يَكُونُ كَذَّابًا فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ، وَيَقْطَعُ دَابِرَهُ، وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ مَا جَاءَهُ بِهِ لَيْسَتْ مِنَ الْآيَاتِ وَالْبَرَاهِينِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الْمُعَارَضَةَ، بَلْ هِيَ مِنْ جِنْسِ مَخَارِقِ السَّحَرَةِ وَالْكُهَّانِ وَالْكَذَّابِينَ الَّتِي تَقْبَلُ الْمُعَارَضَةَ، فَإِنَّ مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ خَوَاصِّهَا أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُعَارِضَهَا وَيَأْتِيَ بِمِثْلِهَا، بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّ مُعَارَضَتَهَا مُمْكِنَةٌ فَيُبْطِلُ دَلَالَتَهَا.
وَالْمَسِيحُ الدَّجَّالُ: يَدَّعِي الْإِلَهِيَّةَ، وَيَأْتِي بِخَوَارِقَ، وَلَكِنَّ نَفْسَ دَعْوَاهُ الْإِلَهِيَّةَ دَعْوَى مُمْتَنِعَةٌ فِي نَفْسِهَا، وَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ فَيَقْتُلُهُ وَيُظْهِرُ كَذِبَهُ، وَمَعَهُ مَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ مِنْ وُجُوهٍ:
مِنْهَا: أَنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَاللَّهُ لَيْسَ بِأَعْوَرَ.