فَكَانَ كَمَا أَخْبَرَهُمْ غُلِبُوا فِي الدُّنْيَا كَمَا شَاهَدَهُ النَّاسُ، وَهَذَا يُصَدِّقُ الْخَبَرَ الْأَخِيرَ وَهُوَ أَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ.
وَقَدْ أَيَّدَهُ تَأْيِيدًا لَا يُؤَيَّدُ بِهِ إِلَّا الْأَنْبِيَاءُ، بَلْ لَمْ يُؤَيَّدْ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ كَمَا أُيِّدَ بِهِ، كَمَا أَنَّهُ بُعِثَ بِأَفْضَلِ الْكُتُبِ إِلَى أَفْضَلِ الْأُمَمِ بِأَفْضَلِ الشَّرَائِعِ، وَجَعَلَهُ سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يُعْرَفُ قَطُّ أَحَدٌ ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَهُوَ كَاذِبٌ إِلَّا قَطَعَ اللَّهُ دَابِرَهُ وَأَذَلَّهُ وَأَظْهَرَ كَذِبَهُ وَفُجُورَهُ.
وَكُلُّ مَنْ أَيَّدَهُ اللَّهُ مِنَ الْمُدَّعِينَ لِلنُّبُوَّةِ لَمْ يَكُنْ إِلَّا صَادِقًا كَمَا أَيَّدَ نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ، بَلْ وَأَيَّدَ شُعَيْبًا وَهُودًا وَصَالِحًا، فَإِنَّ سُنَّةَ اللَّهِ أَنْ يَنْصُرَ رُسُلَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ، وَهَذَا هُوَ الْوَاقِعُ، فَمَنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ مَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ إِلَّا بِالْعَادَةِ فَهَذِهِ عَادَةُ اللَّهِ وَسُنَّتُهُ يُعْرَفُ بِهَا مَا يَصْنَعُ، وَمَنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ بِمُقْتَضَى حِكْمَتِهِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُؤَيَّدُ مَنِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَكَذَبَ عَلَيْهِ