وَمِنْهُمْ مَنْ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، فَصَارَتْ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ.
وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا ذِكْرُ بَعْضِ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُهُمْ بِالْأُمُورِ الْمَاضِيَةِ خَبَرًا مُفَصَّلًا لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا، أَوْ مَنْ أَخْبَرَهُ نَبِيٌّ وَقَوْمُهُ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْهُ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ، وَهَذَا مِمَّا قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ مَعَ قُوَّةِ عَدَاوَتِهِمْ لَهُ وَحَصْرِهِمْ عَلَى مَا يَطْعَنُونَ بِهِ عَلَيْهِ لَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يَطْعَنُوا طَعْنًا يُقْبَلُ مِنْهُمْ، وَكَانَ عِلْمُ سَائِرِ الْأُمَمِ بِأَنَّ قَوْمَهُ الْمُعَادِينَ لَهُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الطَّعْنِ عَلَيْهِ لَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ هَذِهِ الْغُيُوبَ عَلَّمَهَا إِيَّاهُ بَشَرٌ، فَوَجَبَ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ أَنَّ هَذَا لَمْ يُعَلِّمْهُ إِيَّاهَا بَشَرٌ ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا} [هود: 49] .
فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ هُوَ وَلَا قَوْمُهُ، وَقَوْمُهُ تُقِرُّ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَتَعَلَّمْ مِنْ أَحَدٍ غَيْرِ قَوْمِهِ ; وَلِهَذَا زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ تَعَلَّمَ مِنْ بَشَرٍ ظَهَرَ