شَرْقَيْ مَكَّةَ بَيْنَهُمَا نَحْوُ لَيْلَتَيْنِ وَمَعَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَمَكَثَ بِهَا عَشَرَةَ أَيَّامٍ لَا يَدَعُ أَحَدًا مِنْ أَشْرَافِهِمْ إِلَّا جَاءَهُ فِي مَنْزِلِهِ وَكَلَّمَهُ وَدَعَاهُ إِلَى التَّوْحِيدِ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَخَافُوهُ عَلَى أَحْدَاثِهِمْ، وَأَغْرَوْا بِهِ سُفَهَاءَهُمْ فَجَعَلُوا يَرْمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ إِذَا مَشَى حَتَّى أَنَّ رِجْلَيْهِ لَتُدْمِيَانِ، وَزَيْدٌ مَوْلَاهُ يَقِيهِ بِنَفْسِهِ حَتَّى أُلْجِئُوا إِلَى ظِلِّ كَرْمَةٍ فِي حَائِطٍ لِعُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ فَرَجَعَ عَنْهُ مَا كَانَ تَبِعَهُ مِنْ سُفَهَائِهِمْ، فَدَعَا، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبِّي، إِلَى مَنْ تَكِلُنِي، إِلَى بِعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي، أَمْ إِلَى عَدُوٍّ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي، إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَلَيَّ فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ يَنْزِلَ بِي غَضَبُكَ، أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ سَخَطُكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ» .
فَلَمَّا رَأَى ابْنَا رَبِيعَةَ مَا صُنِعَ بِهِ رَثَيَا لَهُ، وَقَالَا لِغُلَامٍ لَهُمَا يُقَالُ لَهُ