اسْتِدْلَالٌ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنَّ النَّاسَ فِي النُّبُوَّةِ عَلَى دَرَجَاتٍ: مِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَعْلَمَ جِنْسَ النُّبُوَّةِ فَيُصَدِّقُ بِجِنْسِ الرُّسُلِ مِنَ الْبَشَرِ لَا يُكَذِّبُ بِالْجِنْسِ كَمَا كَذَّبَ بِذَلِكَ مَنْ كَذَّبَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، وَعَادٍ، وَثَمُودَ، وَغَيْرِهِمْ، وَلِهَذَا يَقُولُ تَعَالَى:
{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: 105]
{كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: 123]
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: 141]
لِأَنَّ تَكْذِيبَهُمْ لَمْ يَكُنْ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ بَلْ كَانُوا مُكَذِّبِينَ لِجِنْسِ الرُّسُلِ، وَهَؤُلَاءِ يُخَاطِبُهُمُ اللَّهُ فِي السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ} [الأنعام: 91]
فَاحْتَجَّ بِإِنْزَالِ كِتَابِ مُوسَى لِمَا تَوَاتَرَ فِي خَبَرِهِ مِنَ الْآيَاتِ الْبَاهِرَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ، وَالْإِنْجِيلُ تَبَعٌ لِلتَّوْرَاةِ، ثُمَّ قَالَ:
{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} [الأنعام: 92]