الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْعَقْلِ، وَالْبَيَانِ مَا أَعَانَهُ عَلَى الْحِذْقِ فِي تِلْكَ الْعُلُومِ، فَصَارَ حُثَالَةُ الْمُسْلِمِينَ أَحْسَنَ مَعْرِفَةً وَبَيَانًا لِهَذِهِ الْعُلُومِ مِنْ أُولَئِكَ الْمُتَقَدِّمِينَ. وَأَمَّا الْعُلُومُ الْإِلَهِيَّةُ وَالْمَعَارِفُ الرَّبَّانِيَّةُ وَمَا أَخْبَرَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ مِنَ الْغَيْبِ كَالْعَرْشِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالْجِنِّ، وَالْجَنَّةِ، وَالنَّارِ، وَتَفَاصِيلِ الْمَعَادِ، فَكُلُّ مَنْ نَظَرَ فِي كَلَامِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا وَكَلَامِ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى وَجَدَ كَلَامَ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا أَكْمَلَ، وَأَتَمَّ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ عِلْمَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمِلَلِ بِذَلِكَ أَتَمُّ مِنْ عِلْمِ غَيْرِهِمْ، وَأَمَّا الْعِبَادَةُ، وَالزُّهْدُ، وَالْأَخْلَاقُ، وَالسِّيَاسَةُ الْمَنْزِلِيَّةُ، وَالْمَدَنِيَّةُ، فَالْكَلَامُ فِيهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ، وَهُوَ مَعْرِفَةُ الْمَقْصُودِ بِهَا، وَمَا بِهِ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ. فَنَقُولُ: لِلنَّاسِ فِي مَقْصُودِ الْعِبَادَاتِ مَذَاهِبُ: مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْمَقْصُودُ بِهَا تَهْذِيبُ أَخْلَاقِ النُّفُوسِ، وَتَعْدِيلِهَا؛ لِتَسْتَعِدَّ بِذَلِكَ لِلْعِلْمِ، وَلَيْسَتْ هِيَ مَقْصُودَةً فِي نَفْسِهَا، وَيَجْعَلُونَهَا مِنْ قِسْمِ الْأَخْلَاقِ، وَهَذَا قَوْلُ مُتَفَلْسِفَةِ الْيُونَانِ، وَقَوْلُ مَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنَ الْمَلَاحِدَةِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُتَفَلْسِفَةِ الْإِسْلَامِيِّينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015