عَزَّ وَجَلَّ حِينَ رَدَّ عَلَيْهِ مَا رَدَّ لِيُصَلِّيَ فِيهِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَصَلَّى فِيهِ قَدِمَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ، قَالَ: كُنَّا قَوْمًا تُجَّارًا، وَكَانَتِ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَصَرَتْنَا حَتَّى هَلَكَتْ أَمْوَالُنَا، فَلَمَّا كَانَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي الَّتِي عُقِدَتْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ - فَلَمَّا عُقِدَتِ الْهُدْنَةُ أَمِنَّا، فَخَرَجْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ تَاجِرًا إِلَى الشَّامِ، وَكَانَ وَجْهَ مَتْجَرِنَا فَقَدِمْتُهَا حِينَ ظَهَرَ هِرَقْلُ عَلَى مَنْ كَانَ عَارَضَهُ مِنْ فَارِسَ، فَأَخْرَجَهُمْ مِنْهَا، وَانْتُزِعَ لَهُ صَلِيبُهُ الْأَعْظَمُ، وَقَدْ كَانُوا سَلَبُوهُ إِيَّاهُ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَبَلَغَهُ أَنَّ صَلِيبَهُ قَدِ اسْتُنْقِذَ لَهُ، وَكَانَتْ حِمْصُ مَنْزِلَهُ فَخَرَجَ مِنْهَا عَلَى قَدَمَيْهِ مُتَشَكِّرًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ رَدَّ عَلَيْهِ مَا رَدَّ ; لِيُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَبُسِطَ لَهُ الطَّرِيقُ بِالْبُسُطِ وَيُلْقَى عَلَيْهَا الرَّيَاحِينُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى إِيلِيَاءَ وَقَضَى فِيهَا صَلَاتَهُ وَمَعَهُ بَطَارِقَتُهُ وَأَسَاقِفَتُهُ، قَالَ: وَقَدِمَ عَلَيْهِ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ