ذَلِكَ عَنِ الْوَحِيدِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ:
{قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا - رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الطلاق: 10 - 11] .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّسُولَ - نَفْسَهُ - لَمْ يُنْزَلْ، بَلْ أُبْدِلَ الرَّسُولُ مِنَ الذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ جَاءَ بِالذِّكْرِ.
وَلَمَّا كَانَ الرَّسُولُ الْمَلَكِيُّ، وَالرَّسُولُ الْبَشَرِيُّ، وَالذِّكْرُ الْمُنَزَّلُ أُمُورًا مُتَلَازِمَةً يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ وَاحِدٍ ثُبُوتُ الْآخَرِينَ، وَمِنَ الْإِيمَانِ بِوَاحِدٍ الْإِيمَانُ بِالْآخَرِينَ، فَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْقُرْآنِ حَقًّا كَوْنُ جِبْرِيلَ وَمُحَمَّدٍ حَقًّا، وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ مُحَمَّدٍ حَقًّا كَوْنُ جِبْرِيلَ وَالْقُرْآنِ حَقًّا، وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ جِبْرِيلَ حَقًّا كَوْنُ الْقُرْآنِ وَمُحَمَّدٍ حَقًّا.
وَلِهَذَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ الْإِيمَانِ بِالْمَلَائِكَةِ وَالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ:
{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة: 285] .