فَقَوْلُهُ - تَعَالَى:

{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين: 1] .

إِقْسَامٌ مِنْهُ بِالْأَمْكِنَةِ الشَّرِيفَةِ الْمُعَظَّمَةِ الثَّلَاثَةِ، الَّتِي ظَهَرَ فِيهَا نُورُهُ وَهُدَاهُ، وَأَنْزَلَ فِيهَا الثَّلَاثَةَ: التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالْقُرْآنَ. كَمَا ذَكَرَ الثَّلَاثَةَ فِي التَّوْرَاةِ بِقَوْلِهِ: " جَاءَ اللَّهُ مِنْ طُورِ سَيْنَا وَأَشْرَقَ مِنْ سَاعِيرَ وَاسْتَعْلَنَ مِنْ جِبَالِ فَارَانَ ".

وَلَمَّا كَانَ مَا فِي التَّوْرَاةِ خَبَرًا عَنْهَا، أَخْبَرَ بِهَا عَلَى تَرْتِيبِهَا الزَّمَانِيِّ، فَقَدَّمَ الْأَسْبَقَ فَالْأَسْبَقَ. وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَإِنَّهُ أَقْسَمَ بِهَا تَعْظِيمًا لِشَأْنِهَا، وَذَلِكَ تَعْظِيمٌ لِقُدْرَتِهِ - سُبْحَانَهُ - وَآيَاتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ. فَأَقْسَمَ بِهَا عَلَى وَجْهِ التَّدْرِيجِ دَرَجَةً بَعْدَ دَرَجَةٍ، فَخَتَمَهَا بِأَعْلَى الدَّرَجَاتِ. فَأَقْسَمَ أَوَّلًا بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ثُمَّ بِطُورِ سَيْنَا ثُمَّ بِمَكَّةَ لِأَنَّ أَشْرَفَ الْكُتُبِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015