الْمُسْتَلْزِمَةِ لِكَذِبِهِ، وَبِانْتِفَاءِ لَوَازِمِ الصِّدْقِ الْمُسْتَلْزِمِ انْتِفَاؤُهَا لِانْتِفَاءِ صِدْقِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالشَّيْءُ يُعْرَفُ تَارَةً بِمَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهِ، وَتَارَةً بِمَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ نَقِيضِهِ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى قِيَاسَ الْخُلْفِ، فَإِنَّ الشَّيْءَ إِذَا انْحَصَرَ فِي شَيْئَيْنِ، لَزِمَ مِنْ ثُبُوتِ أَحَدِهِمَا انْتِفَاءُ الْآخَرِ، وَمِنِ انْتِفَاءِ أَحَدِهِمَا ثُبُوتُ الْآخَرِ. وَمُدَّعِي النُّبُوَّةِ إِمَّا صَادِقٌ وَإِمَّا كَاذِبٌ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ لَوَازِمُ يَدُلُّ انْتِفَاؤُهَا عَلَى انْتِفَائِهِ، وَلَهُ مَلْزُومَاتٌ يَدُلُّ ثُبُوتُهَا عَلَى ثُبُوتِهِ.
فَدَلِيلُ الشَّيْءِ مُسْتَلْزِمٌ لَهُ كَأَعْلَامِ النُّبُوَّةِ وَدَلَائِلِهَا، وَآيَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ وَأَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَانْتِفَاءُ الشَّيْءِ يُعْلَمُ بِمَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَهُ كَانْتِفَاءِ لَوَازِمِهِ؛ مِثْلَ صِدْقِ الْكَاذِبِ، يُقَالُ: لَوْ كَانَ صَادِقًا لَكَانَ مُتَّصِفًا بِمَا يَتَّصِفُ بِهِ الصَّادِقُونَ.
وَكَذَلِكَ كَذِبُ الصَّادِقِ، يُقَالُ: لَوْ كَانَ كَذَّابًا لَكَانَ مُتَّصِفًا بِمَا يَتَّصِفُ بِهِ الْكَذَّابُ، فَإِنَّهُ قَدْ عُرِفَ حَالُ الْأَنْبِيَاءِ الصَّادِقِينَ، وَالْمُتَنَبِّئِينَ الْكَذَّابِينَ، فَانْتِفَاءُ لَوَازِمِ الْكَذِبِ دَلِيلُ صِدْقِهِ، كَمَا أَنَّ ثُبُوتَ مَا يَسْتَلْزِمُ الصِّدْقَ دَلِيلُ صِدْقِهِ، وَكَذَلِكَ الْكَذَّابُ يُسْتَدَلُّ عَلَى كَذِبِهِ بِمَا يَسْتَلْزِمُ كَذِبَهُ وَبِانْتِفَاءِ لَوَازِمِ صِدْقِهِ، وَهَكَذَا سَائِرُ الْأُمُورِ.