الْعَاقِبَةِ، وَيَرْفَعُ عَنِ الْمُنْتَصِفِ مِمَّنْ ظَلَمَهُ الْمَلَامَ وَالْعَذْلَ، وَيُبَيِّنُ أَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ وَلَا سَبِيلَ إِذَا انْتَصَرَ بَعْدَمَا ظُلِمَ.
فَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ تَأْتِيَ شَرِيعَةٌ بِأَنْ تَجْعَلَ عَلَى الْمُنْتَصِفِ سَبِيلًا مَعَ عَدْلِهِ وَهِيَ لَا تَجْعَلُ عَلَى الظَّالِمِ سَبِيلًا مَعَ ظُلْمِهِ؟ .
فَعُلِمَ أَنَّ مَا أَمَرَ بِهِ الْمَسِيحُ مِنَ الْعَفْوِ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ تَارِكَهُ مُسْتَحِقٌّ لِلذَّمِّ وَالْعِقَابِ، بَلْ لِأَنَّهُ مَحْرُومٌ مِمَّا يَحْصُلُ لِلْعَافِي الْمُحْسِنِ مِنَ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ، وَهَذَا حَقٌّ لَا يُنَاقِضُ شَرْعَ التَّوْرَاةِ، فَعُلِمَ أَنَّ شَرْعَ الْإِنْجِيلِ لَمْ يُنَاقِضْ شَرْعَ التَّوْرَاةِ؛ إِذْ كَانَ فَرْعًا عَلَيْهَا وَمُكَمِّلًا لَهَا، وَحِينَئِذٍ فَزَعْمُهُمْ أَنَّ شَرْعَ الْإِنْجِيلِ شَرَعَهُ اللَّهُ دُونَ شَرْعِ التَّوْرَاةِ كَلَامُ مَنْ هُوَ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ وَأَضَلِّهِمْ وَلِهَذَا كَانَ فَرْعًا عَلَى قَوْلِهِمْ بِالِاتِّحَادِ، وَأَنَّ الْمَسِيحَ هُوَ اللَّهُ.
فَذَاكَ الضَّلَالُ مِمَّا أَوْجَبَ هَذَا الْقَوْلَ الْمُحَالَ.