فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَهَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا، قَالُوا: لَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّهُ فَضْلِي أُعْطِيهِ مَنْ شِئْتُ» .
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ، وَأَكْمَلَ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ الدِّينَ، وَبَعَثَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ وَظُهُورِ الْكُفْرِ، وَانْطِمَاسِ السُّبُلِ، فَأَحْيَا بِهِ مَا دَرَسَ مِنْ مَعَالِمِ الْإِيْمَانِ، وَقَمَعَ بِهِ أَهْلَ الشِّرْكِ مِنْ عُبَّادِ الْأَوْثَانِ، وَالنِّيرَانِ، وَالصُّلْبَانِ، وَأَذَلَّ بِهِ كُفَّارَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَهْلِ الشَّكِّ والِارْتِيَابِ، وَأَقَامَ بِهِ مَنَارَ دِينِهِ الَّذِي ارْتَضَاهُ، وَشَادَ بِهِ ذِكْرَ مَنِ اجْتَبَاهُ مِنْ عِبَادِهِ وَاصْطَفَاهُ، وَأَظْهَرَ بِهِ مَا كَانَ مَخْفِيًّا عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَأَبَانَ بِهِ مَا عَدَلُوا فِيهِ عَنْ مَنْهَجِ الصَّوَابِ، وَحَقَّقَ بِهِ صِدْقَ التَّوْرَاةِ، وَالزَّبُورِ، وَالْإِنْجِيلِ، وَأَمَاطَ بِهِ عَنْهَا مَا لَيْسَ بِحَقِّهَا مِنْ بَاطِلِ التَّحْرِيفِ، وَالتَّبْدِيلِ.