وَحَقِيقَةُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ هُوَ جَحْدُ الْخَالِقَ وَتَعْطِيلُهُ، كَمَا قَالَ فِرْعَوْنُ: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 23] وَقَالَ: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص: 38]

فَإِنَّ فِرْعَوْنَ مَا كَانَ يُنْكِرُ هَذَا الْوُجُودَ الْمَشْهُودَ، لَكِنْ يُنْكِرُ أَنَّ لَهُ صَانِعًا مُبَايِنًا لَهُ خَلَقَهُ، وَهَؤُلَاءِ مُوَافِقُونَ لِفِرْعَوْنَ فِي ذَلِكَ.

لَكِنَّ فِرْعَوْنَ أَظْهَرَ الْجُحُودَ وَالْإِنْكَارَ، فَلَمْ يَقُلِ " الْوُجُودُ الْمَخْلُوقُ هُوَ الْخَالِقُ ".

وَهَؤُلَاءِ ظَنُّوا أَنَّهُمْ يُقِرُّونَ بِالْخَالِقِ، وَأَنَّ الْوُجُودَ الْمَخْلُوقَ هُوَ الْخَالِقُ، وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَؤُلَاءِ فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ.

وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ شِعْرٌ نَظَمُوا قَصَائِدَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ، كَابْنِ الْفَارِضِ فِي قَصِيدَتِهِ الْمُسَمَّاةِ " بِنَظْمِ السُّلُوكِ " حَيْثُ يَقُولُ:

لَهَا صَلَوَاتِي بِالْمَقَامِ أُقِيمُهَا ... وَأَشْهَدُ فِيهَا أَنَّهَا لِي صَلَّتِ

كِلَانَا مُصَلٍّ وَاحِدٌ سَاجِدٌ إِلَى ... حَقِيقَتِهِ بِالْجَمْعِ فِي كُلِّ سَجْدَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015