لَا يَقْتَضِي خُرُوجَهُ عَنْ جِنْسِ الرُّسُلِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المائدة: 75] وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ - لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ - أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ - مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} [المائدة: 72 - 75] .
وَجِمَاعُ هَذَا الْجَوَابِ: أَنَّ مَا يُوصَفُ بِهِ الْمَسِيحُ عِنْدَهُمْ مِنْ كَوْنِهِ ابْنَ اللَّهِ، وَكَوْنِ اللَّهِ حَلَّ فِيهِ، أَوْ ظَهَرَ أَوْ سَكَنَ، وَكَوْنِ رُوحِ الْقُدُسِ أَوْ رُوحِ اللَّهِ حَلَّتْ فِيهِ، وَكَوْنِهِ مَسِيحًا - كُلُّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ عِنْدَهُمْ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَسِيحِ.
فَلَيْسَ لِلْمَسِيحِ اخْتِصَاصٌ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، وَإِنَّمَا يُوجَدُ اخْتِصَاصُهُ بِلَفْظِ الْكَلِمَةِ، وَكَوْنُهُ تَجَسَّدَ مِنْ رُوحِ الْقُدُسِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي خَصَّهُ بِهِ الْقُرْآنُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: