مَرْيَمَ وَأُمَّهُ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ، كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ مَنْ فَعَلَهُ مِنْهُمْ.

فَإِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ مَرْيَمَ وَيَدْعُونَهَا بِمَا يَدْعُونَ بِهِ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - وَالْمَسِيحَ، وَيَجْعَلُونَهَا إِلَهًا كَمَا يَجْعَلُونَ الْمَسِيحَ إِلَهًا، فَيَقُولُونَ: يَا وَالِدَةَ الْإِلَهِ، اغْفِرِي لَنَا وَارْحَمِينَا، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَيَطْلُبُونَ مِنْهَا مَا يَطْلُبُونَهُ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ عَنْ مَرْيَمَ: إِنَّهَا صَاحِبَةُ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -.

وَبَيَانُ لُزُومِ ذَلِكَ أَنَّ الْمَسِيحَ - عِنْدَهُمْ - إِنْسَانٌ تَامٌّ وَإِلَهٌ تَامٌّ، نَاسُوتٌ وَلَاهُوتٌ، فَنَاسُوتُهُ مِنْ مَرْيَمَ، وَلَاهُوتُهُ الْكَلِمَةُ الْقَدِيمَةُ الْأَزَلِيَّةُ، وَهِيَ الْخَالِقُ عِنْدَهُمْ.

فَالْمَسِيحُ بَيْنَ أَصْلَيْنِ، نَاسُوتٍ وَلَاهُوتٍ، فَإِذَا كَانَ الْأَبُ هُوَ اللَّهُ - عِنْدَهُمْ - وَالْكَلِمَةُ الْمَوْلُودَةُ عَنِ الْأَبِ ابْنَ اللَّهِ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّاهُوتَ لَمَّا الْتَحَمَ بِالنَّاسُوتِ لِيَصِيرَ مِنْهُمَا الْمَسِيحُ ازْدَوَجَ بِهِ وَقَارَنَهُ، وَهَذَا مَعْنَى الزَّوْجِيَّةِ.

فَكَمَا أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ الْوِلَادَةَ عَقْلِيَّةٌ لَا حِسِّيَّةٌ، فَكَذَلِكَ الِازْدِوَاجُ وَالنِّكَاحُ عَقْلِيٌّ لَا حِسِّيٌّ، فَإِنَّ اللَّاهُوتَ - عَلَى قَوْلِهِمُ - ازْدَوَجَ بِنَاسُوتِ مَرْيَمَ وَنَكَحَهَا نِكَاحًا عَقْلِيًّا، وَخُلِقَ الْمَسِيحُ مِنْ هَذَا وَهَذَا.

وَهُمْ يَقُولُونَ فِي الْأَمَانَةِ: إِنَّ الْمَسِيحَ تَجَسَّدَ مِنْ مَرْيَمَ وَمِنْ رُوحِ الْقُدُسِ.

فَإِنْ فَسَّرُوا رُوحَ الْقُدُسِ بِجِبْرِيلَ - كَمَا يَقُولُهُ الْمُسْلِمُونَ - فَهُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015