بَلْ يُرِيدُونَ بِهِ وَلِيَّهُ، وَهُوَ نَاسُوتٌ لَا لَاهُوتٌ، كَيَعْقُوبَ وَالْحَوَارِيِّينَ.

وَلَا يُرِيدُونَ بِرُوحِ الْقُدُسِ نَفْسَ حَيَاةِ اللَّهِ، وَلَا يُرِيدُونَ بِهِ أَنَّهُ رَبٌّ حَيٌّ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهَا الْمَلَكَ أَوْ مَا يُنَزِّلُهُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ أَنْبِيَائِهِ وَأَصْفِيَائِهِ مِنَ الْهُدَى وَالتَّأْيِيدِ وَنَحْوَ ذَلِكَ.

فَرُوحُ الْقُدُسِ يَكُونُ عِنْدَكُمْ وَعِنْدَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ، كَمَا كَانَتْ فِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ وَكَانَتْ فِي الْحَوَارِيِّينَ.

فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ لَفْظَ الِابْنِ وُجِدَ فِي كَلَامِ الْمَسِيحِ مُسْتَعْمَلًا تَارَةً فِي كَلِمَةِ اللَّهِ، وَتَارَةً فِي وَلِيِّهِ النَّاسُوتِ، وَرُوحَ الْقُدُسِ مُسْتَعْمَلًا تَارَةً فِي حَيَاتِهِ، وَتَارَةً فِيمَا يُنْزِلُهُ عَلَى قُلُوبِ أَنْبِيَائِهِ - كَانَ جَزْمُكُمْ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ هُنَا صِفَاتِ اللَّهِ جَزْمًا بَاطِلًا.

فَمَا وُصِفَ بِهِ الْمَسِيحُ مِنْ أَنَّهُ ابْنُ اللَّهِ، وَمِنْ أَنَّ رُوحَ الْقُدُسِ فِيهِ - قَدْ وُصِفَ بِهِ غَيْرُهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ.

فَإِنْ كَانَ الِابْنُ وَرُوحُ الْقُدُسِ صِفَتَيْنِ لِلَّهِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ الْمَسِيحِ لَاهُوتًا وَنَاسُوتًا كَالْمَسِيحِ، إِذِ الَّذِي حَلَّ فِي الْمَسِيحِ حَلَّ فِي غَيْرِهِ.

ثُمَّ جَزْمُكُمْ بِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ أَقَانِيمُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ صِفَاتٌ ذَاتِيَّةٌ أَوْ جَوْهَرِيَّةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ إِلَّا هَذِهِ الثَّلَاثَةَ، ثُمَّ تَفَرَّقْتُمْ فِي الثَّلَاثَةِ، هَلِ الْمُرَادُ بِالْأَقَانِيمِ الْوُجُودُ وَالْعِلْمُ وَالْحَيَاةُ، أَوِ الْحِكْمَةُ وَالْكَلَامُ، أَوِ النُّطْقُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015