فَلَيْسَ فِي ظَاهِرِ هَذَا اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمَخْلُوقُ كَمَا فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ.
وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] . مَنْ فَهِمَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَخْتَصُّ بِالْمَخْلُوقِ، كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} [المؤمنون: 28]
فَمِنْ نَفْسِهِ أُتِيَ، فَإِنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَدُلُّ عَلَى اسْتِوَاءٍ يُضَافُ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - كَمَا يَدُلُّ فِي تِلْكَ الْآيَةِ عَلَى اسْتِوَاءٍ يُضَافُ إِلَى الْعَبْدِ.
وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَوِي لَيْسَ مُمَاثِلًا لِلْمُسْتَوِي، لَمْ يَكُنِ الِاسْتِوَاءُ مُمَاثِلًا لِلِاسْتِوَاءِ.
فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ فَقِيرًا إِلَى مَا اسْتَوَى عَلَيْهِ، يَحْتَاجُ إِلَى حَمْلِهِ.
وَكَانَ الرَّبُّ - عَزَّ وَجَلَّ - غَنِيًّا عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ وَالْعَرْشُ وَمَا سِوَاهُ فَقِيرًا إِلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي يَحْمِلُ الْعَرْشَ وَحَمَلَةَ الْعَرْشِ، لَمْ يَلْزَمْ إِذَا كَانَ الْفَقِيرُ مُحْتَاجًا إِلَى مَا اسْتَوَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْغَنِيُّ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَكُلُّ شَيْءٍ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ - مُحْتَاجًا إِلَى مَا اسْتَوَى عَلَيْهِ.
وَلَيْسَ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مَا يَدُلُّ عَلَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمَخْلُوقُ مِنْ حَاجَةٍ إِلَى حَامِلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، بَلْ تَوَهُّمُ هَذَا مِنْ سُوءِ الْفَهْمِ، لَا مِنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ.