قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْبِطْرِيقِ: وَذَلِكَ مِثْلُ مَا أَنَّ الشُّعَاعَ الْمَوْلُودَ مِنْ عَيْنِ الشَّمْسِ الَّذِي يَمْلَأُ ضَوْءُهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ نُورًا، وَفِي بَيْتٍ مِنَ الْبُيُوتِ يَكُونُ فِيهِ ضِيَاءً بِنُورِهِ مِنْ غَيْرِ مُقَارِنَةٍ لِعَيْنِ الشَّمْسِ الَّتِي تَوَلَّدَ مِنْهَا حَقًّا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقَطِعْ مِنَ الْعَيْنِ وَلَا مِنَ الضَّوْءِ، فَكَذَلِكَ سَكَنَ اللَّهُ فِي النَّاسُوتِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُفَارِقَهُ الْأَبُ، فَهُوَ مَعَ النَّاسُوتِ، وَهُوَ مَعَ الْأَبِ وَرُوحِ الْقُدُسِ حَقًّا.
فَيُقَالُ: هَذَا التَّمْثِيلُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ صَحِيحٌ، فَإِنَّمَا يُشْبِهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، كَشُعَاعِ الشَّمْسِ الَّذِي يَظْهَرُ فِي الْهَوَاءِ وَالْأَرْضِ.
وَأَمَّا النَّصَارَى فَإِنَّهُمْ يَخُصُّونَهُ بِنَاسُوتِ الْمَسِيحِ دُونَ سَائِرِ النَّوَاسِيتِ، وَلَوْ مَثَّلَ بِهَذَا مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ - لَكَانَ بَاطِلًا، فَكَيْفَ النَّصَارَى؟ فَإِنَّ الضَّوْءَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْهَوَاءِ وَسُطُوحِ الْأَرْضِ، لَا يَكُونُ تَحْتَ السُّقُوفِ وَالْغِيرَانِ وَبَاطِنِ الْأَرْضِ.