الْمَسِيحَ سُؤَالًا يُقَرِّعُ بِهِ مَنِ اتَّخَذَهُ وَأُمَّهُ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ.
قَالَ ابْنُ الْبِطْرِيقِ: وَيُقَالُ لِلنُّسْطُورِيَّةِ أَيْضًا: أَخْبِرُونَا عَنِ النَّاسُوتِ الَّتِي اتَّحَدَتْ بِهَا اللَّاهُوتُ وَسُمِّيَ مَسِيحًا، هَلْ لَمْ يَزَلْ مَسِيحًا مُنْذُ كَانَ فِي بَطْنِ مَرْيَمَ إِلَى حِينِ وَضَعَتْهُ وَأَرْضَعَتْهُ وَشَبَّ وَصُلِبَ وَقُتِلَ؟ أَمْ كَانَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ اتَّحَدَ بَعْدَ ذَلِكَ اللَّاهُوتُ بِالنَّاسُوتِ فَكَانَ مَسِيحًا؟
فَإِنْ قَالُوا: لَمْ يَكُنْ مَسِيحًا وَهُوَ فِي بَطْنِ مَرْيَمَ، وَإِنَّمَا وَلَدَتْ مَرْيَمُ إِنْسَانًا كَانَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ اتَّحَدَ بَعْدَ ذَلِكَ اللَّاهُوتُ بِالنَّاسُوتِ فَكَانَ مَسِيحًا، تَرَكُوا قَوْلَهُمْ وَكَذَّبُوا الْإِنْجِيلَ وَبَوْلُصَ وَجَمِيعَ كُتُبِ الْكَنِيسَةِ، وَخَرَجُوا عَنْ مَقَالَةِ النَّصْرَانِيَّةِ.
وَإِنْ قَالُوا: إِنَّ اللَّاهُوتَ اتَّحَدَ فِي النَّاسُوتِ عِنْدَ الْحَمْلِ، وَإِنَّهُ كَانَ مَسِيحًا وَهُوَ مَحْمُولٌ وَمَوْلُودٌ وَمُرْضَعٌ إِلَى أَنْ صُلِبَ وَقُتِلَ - قَدْ أَقَرُّوا أَنَّ مَرْيَمَ وَلَدَتْ إِلَهًا مَسِيحًا وَاحِدًا، أُقْنُومًا وَاحِدًا.
فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا التَّقْسِيمُ يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ النَّصَارَى الَّذِي ابْتَدَعَهُ طَوَائِفُهُمُ الثَّلَاثَةُ وَغَيْرُهُمْ، فَإِنَّ الِاتِّحَادَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ حِينِ حَمَلَتْ بِهِ مَرْيَمُ، وَأَنَّهُ كَانَ يَنْمُو قَلِيلًا قَلِيلًا كَنُمُوِّ جَسَدِ الْمَسِيحِ،