وَالْبَلَاءُ الْعَظِيمُ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَعْبُودِ.
فَلَوْ أَنَّ قَوْمًا لَمْ يَعْرِفُوا لَهُمْ إِلَهًا وَلَا دِينًا، ثُمَّ عُرِضَ عَلَيْهِمْ دِينُ النَّصْرَانِيَّةِ، لَوَجَبَ أَنْ يَتَوَقَّفُوا عَنْهُ، إِذْ كَانَ أَهْلُهُ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى شَيْءٍ فِيهِ.
وَدَلَّ اخْتِلَافُهُمْ فِي مَقَالَاتِهِمْ وَمُبَايَنَتِهَا مَا فِي كُتُبِهِمْ عَلَى بَاطِلِهِ.
فَأَمَّا قَوْلُنَا فِي بَابِ التَّوْحِيدِ، وَاعْتِرَافُنَا بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَفْيُنَا عَنْهُ الشُّرَكَاءَ وَالْأَنْدَادَ وَالْأَمْثَالَ وَالْأَوْلَادَ، فَهُوَ قَوْلٌ لَا يَشُكُّونَ فِي صِحَّتِهِ وَلَا يَشُكُّ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكُتُبِ وَسَائِرِ الْمِلَلِ وَلَا غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقَوْلِ بِالدَّهْرِ وَسَائِرِ عَبَدَةِ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يُقِرُّ بِهِ وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ.
إِلَّا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُتَابِعُنَا عَلَى تَحْدِيدِ التَّوْحِيدِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُدْخِلُ الْعِلَلَ فِيهِ، بِأَنْ يَقُولَ: ثَلَاثَةٌ تَرْجِعُ إِلَى وَاحِدٍ، وَصَنَمًا نَعْبُدُهُ إِجْلَالًا لِلَّهِ لِيُقَرِّبَنَا إِلَى رَبِّنَا وَرَبِّهِ، وَمُدَبِّرٌ لِلْأُمُورِ قَدِيمٌ لَا بُدَّ أَنْ نَعْتَرِفَ بِهِ خَالِقَهَا وَبَارِيِهَا.
وَكُلٌّ مِنْهُمْ مُقِرٌّ بِقَوْلِنَا، وَذَاهِبٌ إِلَى مَذْهَبِنَا عَلَى الِاعْتِرَافِ بِاللَّهِ عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي يَذْهَبُ إِلَيْهَا، وَأَنَّهُ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ.
فَقَدْ صَحَّ عَقْدُنَا بِلَا شَكٍّ مِنْكُمْ، وَلَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ فِيهِ،