قَالُوا: نَذْكُرُ ثَالِثًا، وَقَالَ دَاوُدُ فِي الزَّبُورِ فِي الْمَزْمُورِ الْمِائَةِ وَالتِّسْعَةِ قَائِلًا: (قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ تَحْتَ مَوْطَأِ قَدَمَيْكَ) .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِـ (رَبِّي) شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُسَمِّ دَاوُدُ وَلَا أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ رَبًّا وَلَا ابْنًا، وَلَا قَالَ أَحَدٌ لِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ: يَا رَبِّ ارْحَمْنِي، وَلَا قَالَ لِعِلْمِ اللَّهِ أَوْ كَلَامِهِ أَوْ قُدْرَتِهِ: يَا رَبِّ، وَإِذَا لَمْ يَكُونُوا يُسَمُّونَ صِفَاتِ اللَّهِ رَبًّا، وَلَوْ كَانَ الْمَسِيحُ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادَ بِلَفْظِ الرَّبِّ، فَكَيْفَ وَنَاسُوتُهُ أَبْعَدُ عَنِ اللَّاهُوتِ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ؟
فَعُلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ لَا اللَّاهُوتَ وَلَا النَّاسُوتَ.
الثَّانِي: أَنَّهُ قَالَ: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي، فَأَضَافَ إِلَيْهِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ