وَسَبْعُونَ، فَهُمْ نَقَلُوهَا عَمَّنْ نَقَلَهَا إِلَيْهِمْ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ، وَهُمْ إِنَّمَا يُسْنِدُونَ نَقْلَهَا إِلَى أَرْبَعَةٍ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ الْحَوَارِيِّينَ لَيْسُوا مَعْصُومِينَ، بَلْ يَجُوزُ عَلَى أَحَدِهِمُ الْغَلَطُ فِي بَعْضِ مَا يَنْقُلُهُ، وَمَا يُنْقَلُ مِنْ خَوَارِقِهِمْ لِلْعَادَاتِ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُكَذِّبُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَدِّقُهُ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى عِصْمَتِهِم، إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُمُ ادَّعَوُا النُّبُوَّةَ، وَأَقَامُوا الْمُعْجِزَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى نُبُوَّتِهِم، وَلَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَالصَّالِحُونَ إِذَا كَانَتْ لَهُمْ كَرَامَاتٌ لَمْ تَدُلَّ كَرَامَاتُهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ كَالْأَنْبِيَاءِ، بَلْ يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْغَلَطُ مَعَ ثُبُوتِ كَرَامَاتِهِم.
وَالْحَوَارِيُّونَ عِنْدَهُمْ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ، وَإِنْ سَمَّوْهُمْ رُسُلًا، فَهُمْ رُسُلُ الْمَسِيحِ لَا رُسُلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ فِي هَذِهِ الْكُتُبِ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ مَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُمْ مِنَ الْأَقْوَالِ الصَّرِيحَةِ الْكَثِيرَةِ مَا هُوَ أَكْثَرُ وَأَصْرَحُ مِمَّا احْتَجُّوا بِهِ عَلَى قَوْلِهِم.
وَالْوَاجِبُ حِينَئِذٍ التَّمَسُّكُ بِالصَّرِيحِ الْمُحْكَمِ، وَرَدُّ الْمُتَشَابِهِ إِلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْمُتَشَابِهِ، وَرَدُّ الْمُحْكَمِ إِلَيْهِ.
الْوَجْهُ السَّابِعُ: أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْضِ هَذِهِ الْكُتُبُ بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ لِسَانًا سَوَاءٌ كَانَتْ كُلُّهَا مَنْقُولَةً عَنِ الْحَوَارِيِّينَ نَقْلًا صَحِيحًا،