قَالُوا: وَمِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ فِي كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى أَفْوَاهِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ - شَيْءٌ كَثِيرٌ عِنْدَ النَّصَارَى جَمِيعِهِمُ الْمُخْتَلِفَةِ أَلْسِنَتُهُمُ الْمُفَرَّقِينَ فِي سَبْعَةِ أَقَالِيمِ الْعَالَمِ الْمُتَمَسِّكِينَ بِدِينِ النَّصْرَانِيَّةِ - قَوْلٌ وَاحِدٌ وَنَصٌّ وَاحِدٌ، عَلَى مَا تَسَلَّمُوهُ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ حِينَ أَنْذَرُوهُمْ وَرَدُّوهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى، سَلَّمُوهَا إِلَيْهِم، كُلُّ أُمَّةٍ بِلِسَانِهَا، وَهِيَ عَلَى هَيْئَتِهَا إِلَى يَوْمِنَا هَذَا.
وَالْجَوَابُ عَلَى هَذَا مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْقَوْلَ فِي سَائِرِ مَا يَذْكُرُونَهُ مِنَ النُّصُوصِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا مَنْ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ عُلَمَاءِ النَّصَارَى الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ، وَبَيَّنُوا مَا وَقَعَ فِي ذَلِكَ مِنْ تَحْرِيفِهِمْ لِمَعَانِي الْكُتُبِ الَّتِي عِنْدَهُم، وَذَكَرُوا مِمَّا عِنْدَهُمْ مِنَ النُّصُوصِ الصَّرِيحَةِ بِأَنَّ الْمَسِيحَ عَبْدُ اللَّهِ لَيْسَ هُوَ اللَّهَ - مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ بُطْلَانُ قَوْلِهِم، وَأَنَّهُمْ مِمَّنْ تَرَكُوا الْمُحْكَمَ مِنَ الْآيَاتِ وَاتَّبَعُوا الْمُتَشَابِهَ، وَلِهَذَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِم:
{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7] .