ثانيا: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد ثبت عنه أنه: جعل الغرة في الجنين على العاقلة، وقيمة الغرة نصف عشر الدية1، وإذا ثبت هذا كان هو الحد الأدنى لما تتحمله العاقلة، وأما ما دونه، فإنها لا تتحمله؛ لأنه ليس فيه أرش مقدر.

عاقلة غير المسلم:

اتفق الفقهاء على أنه لا يعقل مسلم عن غير مسلم، ولا غير مسلم عن مسلم؛ وذلك لأنه لا موالاة بينهم ولا توارث، فلا مناصرة، وإذا كان الشأن كذلك، فهل تعقل عنه عاقلته؟ للفقهاء رأيان:

الرأي الأول: يرى الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة -على إحدى الروايتين- والزيدية: أنه تعقل عن غير المسلم عاقلته، كما تعقل عن المسلم عاقلته، إلا أنهم اختلفوا هل يعقل اليهودي عن النصراني والعكس؟ بهذا قال الحنفية -عدا أبي يوسف- والشافعية؛ لأن الكفر كله ملة واحدة. وقال أبو يوسف والمالكية ورأي ثان في مذهب الشافعية والحنابلة: لا يعقل أحدهما عن الآخر؛ نظرا لوجود عداوة بين الاثنين بها ينقطع التناصر.

الرأي الثاني: يرى الإمامية -ورواية في مذهب الحنابلة- أن غير المسلمين لا يتعاقلون؛ لأن المعاقلة تثبت في حق المسلم على خلاف الأصل تخفيفا عنه ومعونة له فلا يلحق به غير المسلم، إذا كانوا لا يتعاقلون فإن الجاني يدفع الدية، فإن عجز فالإمام2

الترجيح: الذي نراه راجحا هو رأي جمهور الفقهاء؛ لأنهم إذا قبلوا عقد الذمة كان لهم ما لنا وعليهم ما علينا، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإذا ثبت حق المواساة والمعونة للمسلم على المسلم ثبت هذا الحق أيضا لغير المسلم على غير المسلم، كما ثبت حق التوارث بين كل3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015