وبناء على هذا الرأي، فإن بيت المال يؤدي الدية كلها عند عدم وجود العاقلة، وكذا يؤدي الباقي إن كان له عاقلة لا تحمل الجميع.
ويؤدي بيت المال هذه الدية دفعة واحدة على الأصح1؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أدى دية الأنصاري دفعة واحدة، وكذلك عمر رضي الله عنه، ولأن الدية بدل متلف فيجب كله في الحال كسائر بدل المتلفات، وإنما أجل على العاقلة تخفيفا عنهم، ولا حاجة إلى ذلك بالنسبة لبيت المال2.
الرأي الثاني: يريد الزيدية أنه إذا لم يكن للجاني عاقلة، أو كانت ولم تف الدية لقلتهم، أو كثرة اللازم، كانت الدية في ماله إن كان له مال يملكه، ثم إذا لم يكن له مال، أو كان له مال ولم يف، لزمت من بيت المال منجمة في ثلاث سنين، ثم إذا لم يكن ثمة بيت مال عقل عنه المسلمون في ثلاث سنين المقيمون في ناحيته، وإلا انتقل إلى أقرب جهة إليها3.
ولم يستدل المذهب لرأيه بأي دليل.
الرأي الثالث: ذكر ابن حزم أن طائفة قالت: إنه لم يكن للجاني عاقلة فإنه لا شيء في جنايته، واستدلوا بما روي عن ابن جريج قال: زعم عطاء أن سائبة من سيب مكة أصابت إنسانا فجاء إلى عمر بن الخطاب، فقال له عمر: ليس لك شيء "قال" أرأيت لو شججته؟ قال: آخذ له منك حقه "قال" ولا تأخذ لي منه، قال: لا، قال: هو إذا الأرقم إن يتركني ألقم وإن يقتلوني أنقم، قال عمر: فهو الأرقم4.