الله تعالى يستحيل محاربته؛ إذ الله تعالى لا يحارب ولا يغالب لما هو عليه من صفات الكمال، ولما وجب له من التنزيه عن الأضداد والأنداد؛ لذلك كان في قوله جل شأنه: {يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} استعارة ومجاز، يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يراد بالمحاربين الذين يخرجون ممتنعين مجاهرين بإظهار السلاح وقطع الطريق؛ وذلك لأنهم بمنزلة من حاربوا غيرهم من الناس، فسميت هذه الطائفة بالمحاربين لخروجها ممتنعة بأنفسها لمخالفة أمر الله تعالى وانتهاك الحريم وإظهار السلاح.

ثانيهما: أن يراد بالذين يحاربون الله الذين يحاربون عباد الله، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ} والمعنى: يؤذون أولياء الله، أو عبيد الله، فعبر بنفسه العزيزة عن عباده إكبارًا واستعظامًا لأذيتهم، كما عبر بنفسه عن الفقراء في قوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} حثا على العطف، ويصح إطلاق المحاربة لله وللرسول على من عظمت جريرته، فقد روي أن عمر بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015