الرأي الأول: يرى جمهور الفقهاء "الحنفية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية، وإسحاق بن راهويه، وسائر أصحاب الحديث" أنه ليست عليه عقوبة أخرى، وقد احتجوا بأن آية القصاص: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} جعلت الموجب هو القصاص أو الدية -على الخلاف المتقدم- ولم توجب عقوبة أخرى، وقد روي عن ابن عباس أنه قال: "لا جلد ولا نفي على القاتل المعفو عنه"، وكذلك فإن حديث وائل بن حجر فيه أنه قد عفا عن القاتل وتركه، ولم ينقل أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- جلده أو نفاه.
الرأي الثاني: يرى الشافعية وجوب تعزيره؛ لأنه لما سقط القصاص أصبح القتل العمد خاليا عن الزجر والردع، فأوجبوا فيه التعزير، ومقداره متروك للإمام.
الرأي الثالث: يرى المالكية "وهو قول الأوزاعي والليث" جلده مائة سوط، وحبسه سنة من غير تغريب، وقد استدلوا بقوله تعالى: {وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} فقد جمع الله تعالى بين القتل والزنا، وجعل الإثم ومضاعفة العذاب على كل منهما، والزنا عقوبته القتل رجما على المحصن، والجلد مائة والنفي سنة على غير المحصن1، فالواجب على من قتل عمدا القصاص، فإن سقط عنه