جناية الصبي:

تميز الفقه الإسلامي عن غيره من كل التشريعات والنظم بأنه قد تناول بالتحليل والدراسة حياة الإنسان منذ علوقه في بطن أمه حتى وفاته وبعد فاته، وبين ما يكون للإنسان من حقوق وما عليه من واجبات في كل مرحلة من مراحل حياته، وجعل له أهلية: أهلية وجوب -بها يكون صالحا للإلزام والالتزام، أو تحمل الحقوق وأداء الواجبات- وأهلية أداء -بها يكون صالحا لأن تصدر منه الأقوال والأفعال على وجه يعتد به شرعا- وجعل الأهلية الأولى مقرونة بالحياة أو بالذمة، وجعل الثانية مقرونة بالعقل، فإذا نضج العقل وكمل كلمت هذه الأهلية، وإذا كان ناقصا بسبب صغر أو جنون أو عته نقصت هذه الأهلية، وهذا النوع من الأهلية -وهو أهلية الأداء- هو الذي ترتبط به وتتصل به المسئولية من الأقوال، وكذا الأفعال، وبخاصة ما كان منها ضارا.

ولما كان بحثنا هنا خاصا بالجناية على النفس؛ لذلك نقصر حديثنا عن جنايته على هذا الدائرة من أفعاله، وتيسيرا لمعرفة آراء الفقهاء نقسم مراحل حياة الإنسان إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى:

هي ما دون السابعة، لقد ميز الفقهاء هذه المرحلة من غيرها؛ لأن الغالب فيها عدم التمييز، ونقصد بالتمييز أن يفهم كلام العقلاء ويحسن الإجابة عنه؛ ولذلك سمي بالصبي غير المميز؛ أي: أن الغالب في هذه المرحلة أن يكون على هذه الصفة، وإن شذ بعض أفراده؛ لأن الغالب حكم الكل، والشاذ لا حكم له، كما أن تحديدها بالسابعة قد استأنس الفقهاء فيه بقوله صلى الله عليه وسلم: "مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا، واضربوهم إذا بلغوا عشرا". أما قبل السابعة فليس هناك أمر؛ لأن الأمر والنهي يناطان بوجود العقل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015