ومن السنة: ما روي عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" رواه مسلم.
وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي، إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل" رواه مسلم.
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض ثبت بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} الآية 105 من المائدة، فقد روي عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت أبا بكر على المنبر يقول: يأيها الناس، إني إراكم تأولون هذه الآية، وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الناس إذا عمل فيهم بالمعاصي ولم يغيروا، أوشك أن يعمهم الله بعقابه"، فأخبر أبو بكر أن هذه الآية لا رخصة فيها في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنه لا يضر ضلال من ضل إذا اهتدى هو بالقيام بفرض الله من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وروي عن أبي أمية الشعباني قال: سألت أبا ثعلبة الخشني، فقلت: يا أبا ثعلبة، كيف تقول في هذه الآية: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} ؟ فقال: أما والله لقد سألت بها خبيرا، سألت عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك نفسك، ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيه كقبض على الجمر، للعامل فيهم مثل