الفرع الثالث: كيفية استيفاء القصاص:

للفقهاء في الفعل الذي يستوفى به القصاص رأيان:

أحدهما: يرى المالكية والشافعية والظاهرية: أن القصاص لا يكون إلا بفعل مماثل للفعل الذي تم به القتل؛ لأن المماثلة معتبرة في استبقاء القصاص؛ لعموم قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} 1، وقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} 2، وقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} 3.

ولما روي في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رض رأس يهودي بين حجرين، وكان قد قتل جارية بذلك.

وروى البيهقي مرفوعا: "من حرق حرقناه، ومن غرق غرقناه"، ولأن المقصود من القصاص التشفي، وإنما يكمل التشفي إذا قتل القاتل بمثل ما قتل به، كما ردوا على حديث "النهي عن المثلة" بأنه محمول على من وجب قتله لا على وجه المكافأة؛ كمن وجب قتله حدا، أو في الحرب.

فمن قتل شخصا أو جرحه بمحدد -كسيف ونحوه- أو بمثقل -كحجر نحوه- أو ختق، أو تجويع، أو إلقاء في ماء أو نار، أو إلقاء من شاهق ... كان لولي الدم أن يقتص بمثل هذه الطريقة إذا أراد، فإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015