وبهذا يتضح لنا رجحان القول بأن ورثة المال هم الذين لهم حق استيفاء القصاص. وأما القول بأن الزوجين يخرجان من الولاية؛ لأن الزوجية ترتفع بالموت، فقد يرد على هذا بأن القصاص شرح لحفظ الدماء والزوج أقرب الناس إلى زوجته، وهو المتأثر بالقتل -غالبا- أكثر من غيره فاندفاعه إلى استيفاء القصاص وحرصه عليه لا يقل عن غيره من الورثة، ويرد عليه أيضا بما روي عن عمر آنفا.

وإذا ثبت هذا للزوجة، فثبوته للنساء الوارثات بسبب القرابة أولى، وقد كان ما قاله إبراهيم النخعي نصا في الموضوع، فكل ذي سهم في التركة يكون له حق استيفاء القصاص، وأيضا فإن جعل هذا الحق لجميع الأهل -أي من ينتمي إليهم المقتول- فيه إحالة إلى مجهول؛ إذ الأهل دائرتهم متسعة فقد يكونون مائة، وقد يكونون ألفا، وقد يكونون أكثر، وقد يكونون أقل، حسب ظروف كل أسرة، ومثل هذا العدد ارتباطهم بالمقتول متفاوت وشعورهم نحوه لا يتجه في طريق واحد، ومن هنا قد تضيع دماء كثيرة؛ لذلك فإن جعل هذا الحق في يد ورثة المال فيه حصر للدائرة التي تتعاطف مع المقتول، وتتصل به اتصالا وثيقا، وحسبنا أن الشارع قد أعطاها نصيبا حقوقه وأمواله بعد موته، وهذا حق من الحقوق كما أن فيه رعاية وصونا لدم المقتول عن الإهدار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015