الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته"، والحبس في الدين عقوبة، وهي عقوبة فيما دون النفس، فكل حق وجب فيما دون النفس يؤخذ به وإن لجأ إلى الحرم، قياسا على الحبس في الدين.
الترجيح:
والرأي الثاني أرجح؛ لقوة الأدلة التي استندوا إليها، ووضوحها في إفادة الحكم، أما ما استند إليه أصحاب الرأي الأول من "أن عمومات الآيات قاضية بالقصاص في كل مكان وزمان"، فقد أجيب عنه بجوابين:
أولهما: أن الآيات ليس فيها ما يدل على عمومها لكل مكان وكل زمان؛ لعدم التصريح بهما.
وثانيهما: أننا لو سلمنا بعمومها لذلك فهي مخصصة بالأحاديث التي ذكرناها؛ لأنها قاضية بمنع ذلك في مكان خاص، وهذه الأحاديث متأخرة، فإنها في حجة الوداع بعد شرعية الحدود.
كما أجابوا عن حديث أنس بأنه لا يصلح للاستدلال؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بقتل ابن خطل في الساعة التي أحل الله له فيها القتال بمكة، وقد أخبرنا بأنها لا تحل لأحد قبله، ولا لأحد بعده، وأخبرنا بأن حرمتها قد عادت بعد تلك الساعة كما كانت.
وأيضا فإن هذا الرأي فيه تكريم لهذا المكان المقدس، وتنزيه عن أن يكون مكانا لتنفيذ العقوبات على الجرائم التي ارتكبت خارجه، وميزة أخرى له يمتاز بها عن غيره من الأماكن، وهذا الرأي