ولا خلاف في أن هذا الوعيد لاحق بمن شارك غيره في القتل، وأن عشرة لو قتلوا رجلا عمدا لكان كل واحد منهم داخلا في الوعيد قاتلا للنفس المؤمنة، وكذلك لو قتل عشرة رجلا خطأ كان كل واحد منهم قاتلا في الحكم للنفس يلزمه من الكفارة ما يلزم المنفرد بالقتل، ولا خلاف أن ما دون النفس1 لا يجب فيه كفارة، فيثبت أن كل واحد في حكم من أتلف جميع النفس، قال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} 2 فدلت الآية على أن النفس كالنفوس، فالجماعة إذا اجتمعت على قتل رجل فكل رجل واحد منهم في حكم القاتل للنفس؛ ولذلك قتلوا به جميعًا3.
وأيضا مثل هذا جاء في السنة الشريفة:
جاء في الترمذي عن أبي سعيد وأبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار" رواه الترمذي وقال فيه: حديث غريب. نص هذا الحديث على أن الجماعة التي تشترك في قتل شخص تشترك في العقاب الأخروي بصفة متساوية، كما لو قتله شخص واحد، وذلك دليل على أن كل واحد منهم كالقاتل لنفس واحدة.