القاتل؛ لأنه سقط نصيب العافي بالعفو، فيسقط نصيب الآخر ضرورة أنه لا يتجزأ؛ إذ القصاص قصاص واحد، فلا يتصور استيفاء بعضه دون بعض، وينقلب نصيب الآخر مالا بإجماع الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم؛ فإنه روي عن عمر وعبد الله بن مسعود وابن عباس -رضي الله عنهم- أنهم أوجبوا في عفو بعض الأولياء الذين لم يعفوا نصيبهم من الدية، وذلك بمحضر من الصحابة -رضي الله عنهم- ولم ينقل أنه أنكر أحد منهم فيكون إجماعا1.

وقيل: إن قوله تبارك وتعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} نزلت في دم بين شركاء يعفو أحدهم عن القاتل، فللآخرين أن يتبعوه بالمعروف في نصيبهم؛ لأنه قال سبحانه وتعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} ، وهذا العفو عن بعض الحق، ويكون نصيب الآخر، وهو نصف الدية في مال القاتل؛ لأن القتل عمد، إلا أنه تعذر استيفاء القصاص لما ذكرنا، والعاقلة لا تعقل العمد.

أما إذا كان لكل واحد منهما قصاص كامل قبل القاتل، بأن قتل واحد رجلين فعفا أحدهما عن القاتل لا يسقط قصاص الآخر؛ لأن كل واحد منها استحق عليه قصاصا كاملا، ولا استحالة له في ذلك؛ لأن القتل ليس تفويت الحياة ليقال: إن الحياة الواحدة لا يتصور تفويتها من اثنين، بل هو اسم لفعل مؤثر في فوات الحياة عادة، وهذا يتصور من كل واحد منهما في محل واحد على الكمال، فعفو أحدهما عن حقه وهو القصاص لا يؤثر في حق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015