الخلاف فيما هو الأولى للمظلوم: هل الأولى العفو عن ظالمه أو الترك؟ فريق من العلماء رجح الأول، وفريق رجح الثاني.

ووجه ترجيح الأول: أن الله تعالى لا يندب عباده إلى العفو إلا ولهم فيه مصلحة راجحة على مصلحة الانتصاف من الظالم، فالعافي له من الأجر بعفو عن ظالمه فوق ما يستحقه من العوض عن تلك المظلمة من أخذ أجر ووضع وزر لو لم يعف عن ظالمه.

ومن رجح الثاني قال: إنا لا نعلم هل عوض المظلمة أنفع للمظلوم، أم أجر العفو؟ ومع التردد في ذلك لا يكون هناك طريق إلى القطع بأولية العفو، فيكون الترك هو الراجح.

والراجح عندي هو الرأي الأول؛ لأن عدم الجزم بأولية العفو يقابله أنه لا جزم بأولية الترك أيضا، ثم الدليل قائم على أولوية العفو؛ لأن الترغيب من الشارع الحكيم في شيء يستلزم رجحانه1، ويؤيد هذا الأحاديث -المذكورة آنفا- التي جعلت موجب العفو رفع درجات العافي وحط خطيئته.

وما ورد من أن الله يزيده به عزا، فقد روي عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزا" رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015