آنفا- أما قاتل نفسه فقد أوصد أمامه هذا الباب؛ لأنه يئس من رحمة الله تعالى وقنط، ودل على جهله وغفلته عن الله الذي يفرج الكروب، ويفك العسر، وينقذ الملهوف، واليائس، والقانط، يقول الله جل شأنه بشأنهما: {إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} 1.

ويقول: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} 2.

ويقول تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} 3.

وهذا يفسر لنا ما روي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- من عدم صلاته عليه، فقد روي عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أن رجلا كانت به جراحة فأتى قرنا له4 فأخذ مشقصا5 فذبح به نفسه، فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم، رواه ابن حبان في صحيحه.

كما أنه قد لوحظ أن عقوبته في الآخرة -بعد خلوده في النار أبدا- هي أن يفعل بنفسه في النار مثلما فعل بها في الدنيا -وهو تعريف القصاص كما سيأتي- فمن قتل نفسه ترديا أو بسكين أو بسم، أو خنق، أو ضرب نفسه برصاص -وهكذا من الأفعال التي يأباها الدين ويقبحها العقل- فقد جعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015