وَالْحِجَالُ: جَمْعُ حَجْلَةٍ، وَهِيَ الْبَيْتُ الَّذِي يُزَيَّنُ لِلْعَرُوسِ، فَمَعْنَى قَصِيرَاتِ الْحِجَالِ: الْمَقْصُورَاتِ فِي حِجَالِهِنَّ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنْ رَجُلًا سَمِعَ آخَرَ، قَالَ: لَقَدْ أَجَادَ الْأَعْشَى فِي قَوْلِهِ:
غَرَّاءُ فَرْعَاءُ مصقول عوارضها ... تمشي الهوينا كَمَا يمشي الوجي الْوَحِلُ
كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جَارَتِهَا ... مَرُّ السَّحَابَةِ لَا رَيْثٌ وَلَا عَجَلُ
لَيْسَتْ كَمَنْ يَكْرَهُ الْجِيرَانُ طَلْعَتَهَا ... وَلَا تَرَاهَا لِسِرِّ الْجَارِ تَخْتَتِلُ
فَقَالَ لَهُ: قَاتَلَكَ اللَّه، تَسْتَحْسِنُ غَيْرَ الْحَسَنِ هَذِهِ الْمَوْصُوفَةُ خَرَّاجَةٌ وَلَّاجَةٌ، وَالْخَرَّاجَةُ الْوَلَّاجَةُ لَا خير فِيهَا وَلَا ملاحة لَهَا، فَهَل لَا قَالَ كَمَا قَالَ أَبُو قَيْسِ بْنُ الْأَسْلَتِ:
وتكسل عَن جاراتها فيزنها ... وتعتل من إتيانهن فَتعذر (?) ] (?) .
[قَوْله فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً} فِيهِ سُؤَالٌ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: مَا وَجْهُ ذِكْرِ الْبُكْرَةِ وَالْعَشِيِّ، مَعَ أَن الْجنَّة ضِيَاء دَائِم وَلَا دَلِيل فِيهَا. وَلِلْعُلَمَاءِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ أَجْوِبَةٌ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُكْرَةِ وَالْعَشِيِّ قَدْرُ ذَلِكَ مِنَ الزَّمَنِ، كَقَوْلِهِ: {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} أَيْ قَدْرُ شَهْرٍ. وَرُوِيَ مَعْنَى هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاس، وَابْن جريج وَغَيرهمَا.