فِي قَلِيبِ بَدْرٍ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّه بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا، لِمَا لَهَا مِنَ الشَّوَاهِدِ عَلَى صِحَّتِهَا، مِنْ أَشْهَرِ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مُصَحِّحًا لَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ
أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَانَ يَعْرِفُهُ» ، الْحَدِيثَ.
وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ مِرَارًا، وَبِجَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْمَبْحَثِ، فِي الْكَلَامِ عَلَى آيَةِ «النَّمْلِ» هَذِهِ، تَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي يُرَجِّحُهُ الدَّلِيلُ: أَنَّ الْمَوْتَى يَسْمَعُونَ سَلَامَ الْأَحْيَاءِ وَخِطَابَهُمْ سَوَاءٌ قُلْنَا: إِنَّ اللَّه يَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَرْوَاحَهُمْ حَتَّى يَسْمَعُوا الْخِطَابَ وَيَرُدُّوا الْجَوَابَ، أَوْ قُلْنَا: إِنَّ الْأَرْوَاحَ أَيْضًا تَسْمَعُ وَتَرُدُّ بَعْدَ فَنَاءِ الْأَجْسَامِ، لِأَنَّا قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا يَنْبَنِي عَلَى مُقَدِّمَتَيْنِ، ثُبُوتُ سَمَاعِ الْمَوْتَى بِالسنةِ الصَّحِيحَة، وَأَن القرءان لَا يُعَارِضُهَا عَلَى التَّفْسِيرِ الصَّحِيحِ الَّذِي تَشْهَدُ لَهُ الْقَرَائِن القرآنيّة، واستقراء القرءان، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ مِنْ كِتَابٍ، وَلَا سُنَّةٍ ظَهَرَ بِذَلِكَ رُجْحَانُهُ عَلَى تَأَوُّلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا، وَمن تبعها بعض آيَات القرءان، كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ. وَفِي الْأَدِلَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِ الرُّوحِ عَلَى ذَلِكَ مُقْنِعٌ لِلْمُنْصِفِ، وَقَدْ زِدْنَا عَلَيْهَا مَا رَأَيْتَ، وَالْعلم عِنْد اللَّه تَعَالَى.] (?) .
وَقَالَ صَاحب التَّتِمَّة - رَحمَه الله -: [قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} . كَلَّا: زَجْرٌ عَنِ التَّلَهِّي وَالتَّكَاثُرِ الْمَذْكُور، وسوف تَعْلَمُونَ: أَيْ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ، وَمَغَبَّةَ هَذَا التَّلَهِّي، ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ، تَكْرَارٌ لِلتَّأْكِيدِ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ لَا تَكْرَارَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِي الله عَنهُ: أَن الأولى فِي