اعْتقد أَنه حق، وَتعلق قلبه بذلك، وَحصل فِي نَفْسِهِ نَوْعٌ مِنَ الرُّعْبِ وَالْمَخَافَةِ، وَإِذَا حَصَلَ الْخَوْفُ ضَعُفَتِ الْقُوَى الْحَسَّاسَةُ، فَحِينَئِذٍ يَتَمَكَّنُ السَّاحِرُ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَشَاءُ.
قَالَ الرَّازِيُّ: وَإِنَّ مَنْ جَرَّبَ الْأُمُورَ وَعَرَفَ أَحْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلِمَ أَنَّ لِتَعَلُّقِ الْقَلْبِ أَثَرًا عَظِيمًا فِي تَنْفِيذِ الْأَعْمَالِ وَإِخْفَاءِ الْأَسْرَارِ.
وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ هَذَا النَّوْعَ مِنَ السِّحْرِ عَنِ الرَّازِيِّ: هَذَا النَّمَطُ يُقَالُ لَهُ التَّنْبَلَةُ، وَإِنَّمَا يُرَوَّجُ عَلَى ضُعَفَاءِ الْعُقُولِ مِنْ بَنِي آدَمَ. وَفِي عِلْمِ الْفِرَاسَةِ مَا يُرْشِدُ إِلَى مَعْرِفَةِ كَامِلِ الْعَقْلِ مِنْ نَاقِصِهِ. فَإِذَا كَانَ النَّبيل حَاذِقًا فِي عِلْمِ الْفِرَاسَةِ عَرَفَ مَنْ يَنْقَادُ لَهُ مِنَ النَّاسِ مِنْ غَيْرِهِ.
النَّوْعُ الثَّامِنُ مِنْ أَنْوَاعِ السِّحْرِ: السَّعْيُ بِالنَّمِيمَةِ وَالتَّضْرِيبُ مِنْ وُجُوهٍ لَطِيفَةٍ خَفِيَّةٍ وَذَلِكَ شَائِعٌ فِي النَّاسِ اهـ.
وَالتَّضْرِيبُ بَيْنَ الْقَوْمِ: إِغْرَاءُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.
وَقَالَ ابْنُ كثير رَحمَه الله بَعْدَ أَنْ نَقَلَ هَذَا النَّوْعَ الْأَخِيرَ عَنِ الرَّازِيِّ قُلْتُ: النَّمِيمَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ: تَارَةً تَكُونُ عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيشِ بَيْنَ النَّاسِ، وَتَفْرِيقِ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ. فَهَذَا حَرَامٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَأَمَّا إِنْ كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَائْتِلَافِ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «لَيْسَ الْكَذَّابُ مَنْ يُنَمِّ خَيْرًا» (?) أَوْ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ التَّخْذِيلِ وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ جُمُوعِ الْكَفَرَةِ، فَهَذَا أَمْرٌ مَطْلُوبٌ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «الْحَرْبُ خدعة» (?) ، وكما فعل