وَقَالَ صَاحب التَّتِمَّة - رَحمَه الله -: مُبينًا حكم الرِّيَاء وحدَّه [أَمَّا الرِّيَاءُ: فَقِيلَ هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الرُّؤْيَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ إِظْهَارُ الْعِبَادَةِ لِقَصْدِ رُؤْيَةِ النَّاسِ لَهَا فَيُحْمَدُ عَلَيْهَا، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ تَسْمِيَتُهُ الشِّرْكَ الْخَفِيَّ: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الْخَفِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الرِّيَاءُ، فَإِنَّهُ أَخْفَى فِي نُفُوسِكُمْ مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ» (?) .
وَجَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا} .
وَبَيَانُ الشِّرْكِ فِيهِ أَنَّهُ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِمَّا هُوَ أَصْلًا للَّه، كَالصَّلَاةِ أَوِ الصَّدَقَةِ أَوِ الْحَجِّ، وَلَكِنَّهُ يُظْهِرُهُ لِقَصْدِ أَنْ يَحْمَدَهُ النَّاسُ عَلَيْهِ.
فَكَأَنَّ هَذَا الْجُزْءَ مِنْهُ مُشَارَكَةٌ مَعَ اللَّه، حَيْثُ أَصْبَحَ مِنْ عَمَلِهِ جُزْءٌ لِطَلَبِ الثَّنَاءِ مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ.
وَقَدْ جَاءَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، فَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» (?) .
أَمَّا حُكْمُ الرِّيَاءِ فِي الْعَمَلِ، فَفِي هَذَا النَّصِّ دَلَالَةٌ عَلَى رَدِّ الْعَمَلِ على