[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} . ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّهُ مَعَ عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ الْمُحْسِنِينَ، وَهَذِهِ الْمَعِيَّةُ بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهِيَ بِالْإِعَانَةِ والنَّصر وَالتَّوْفِيقِ. وَكَرَّرَ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ: {إِنَّنِى مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَى} ، وَقَوْلِهِ: {إِذْ يُوحِى رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ} ، وَقَوْلِهِ: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} وَقَوْلِهِ: {قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِىَ رَبِّى سَيَهْدِينِ} ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَأَمَّا الْمَعِيَّةُ الْعَامَّةُ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ فَهِيَ بِالْإِحَاطَةِ التَّامَّةِ وَالْعِلْمِ، وَنُفُوذِ الْقُدْرَةِ، وَكَوْنِ الْجَمِيعِ فِي قَبْضَتِهِ جَلَّ وَعَلَا: فَالْكَائِنَاتُ فِي يَدِهِ جَلَّ وَعَلَا أَصْغَرُ مِنْ حَبَّةِ خَرْدَلٍ، وَهَذِهِ هِيَ الْمَذْكُورَةُ أَيْضًا فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ. كَقَوْلِهِ: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ} ، وَقَوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} ، وَقَوْلُهُ: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ} ، وَقَوْلِهِ: {وَمَا تَكُونُ فِى شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
فَهُوَ جَلَّ وَعَلَا مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا قَالَ، عَلَى الْكَيْفِيَّةِ اللَّائِقَةِ بِكَمَالِهِ وَجَلَالِهِ، وَهُوَ مُحِيطٌ بِخَلْقِهِ، كُلِّهِمْ فِي قَبْضَةِ يَدِهِ، لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كتاب مُبين] (?) .
وَنقل عَن الْأَشْعَرِيّ - رَحمَه الله - قَوْله فِي إِثْبَات صفة الاسْتوَاء، وَصفَة الْعُلُوّ