وَأَمْثَالُ هَذَا كَثِيرَةٌ.
فَيَا أَيُّهَا الْمُعَاصِرُونَ الْمُتَعَصِّبُونَ لِدَعْوَى أَنَّ ظَوَاهِرَ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثَهَا خَبِيثٌ لَا يَلِيقُ بِاللَّهِ لِاسْتِلْزَامِهِ التَّشْبِيهَ بِصِفَاتِ الْخَلْقِ، وَأَنَّهَا يَجِبُ نَفْيُهَا وَتَأْوِيلُهَا بِمَعَانٍ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ، وَلَمْ يَقُلْهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا مِنَ التَّابِعِينَ.
فَمَنْ هُوَ سَلَفُكُمْ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى الْبَاطِلَةِ الْمُخَالِفَةِ لِإِجْمَاعِ السَّلَفِ؟
إِنْ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ الْأَشْعَرِيَّ يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِكُمْ، وَأَنَّهُ سَلَفُكُمْ فِي ذَلِكَ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْكُمْ وَمِنْ دَعْوَاكُمْ.
وَهُوَ مُصَرِّحٌ فِي كُتُبِهِ الَّتِي صَنَّفَهَا بَعْدَ الرُّجُوعِ عَنِ الِاعْتِزَالِ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالتَّأْوِيلِ هُمُ الْمُعْتَزِلَةُ، وَهُمْ خُصُومُهُ وَهُوَ خَصْمُهُمْ، كَمَا أَوْضَحْنَا كَلَامَهُ فِي الْإِبَاحَةِ وَالْمَقَالَاتِ.
وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَسَاطِينَ الْقَوْلِ بِالتَّأْوِيلِ قَدِ اعْتَرَفُوا بِأَنَّ التَّأْوِيلَ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ، وَأَنَّ الْحَقَّ هُوَ اتِّبَاعُ مَذْهَبِ السَّلَفِ كَمَا أَوْضَحْنَا ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرِ الْبَاقِلَّانِيِّ، وَأَبِي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيِّ، وَأَبِي حَامِدٍ الْغَزَالِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْفَخْرِ الرَّازِيِّ، وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ ذَكَرْنَا.
فَنُوصِيكُمْ وَأَنْفُسَنَا بِتَقْوَى اللَّهِ وَأَلَّا تُجَادِلُوا فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاكُمْ، وَاللَّهُ جَلَّ وَعَلَا يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِى? آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} .
وَيَقُولُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} .] (?) .